عاجل

تسونامي الهجرة السورية

المركز الإعلامي العام – نجوى علي | مقال رأي

لم يعد الكلام عن الهجرة الغير شرعية حديث اليوم أو الأمس ولكن الحديث بات قديماً ولد في العصر الحديث في بلادنا العربية وكان الهدف منه تهجير السكان الأصليين من البلاد واستقدام شعوب اخرى ترتع في أراضيها وبين ضواحيها وتستغل خيراتها وتستمر ثرواتها وأملاكها، إنه التغيير الديموغرافي والإحتلال المباشر الذي يعانيه الشعب العربي من محيطه إلى خليجه ولكن من هو أكثر شعب تعرض لموجات هجرة عارمة كأمواج التسونامي الغادرة اقتلعته اقتلاعاً من أرضه وشردته شر تشريد ؟؟؟ ..
لقد تعدد وتنوع السيناريو في مشاهده وفصوله لأفراغ البلاد العربية من شعوبها وتهجيرهم قسراً عن طريق إفقارهم وإذلالهم وقتلهم و اعتقالهم من خلال انظمتهم الحاكمة وجيوشهم المتأمرة وأجهزتهم الأمنية والمخابراتية . بدأت أمواج تسونامي للهجرة العربية منذ احتلال فلسطين وأستمرت لتشمل شعب العراق والمغرب العربي واليمن السعيد وجنوب السودان وبلغت الهجرة ذروتها في السنوات التسعة الأخيرة في سورية حيث تصدرت المشهد المآساوي على الإطلاق بهجرة الشعب السوري الذي طاله القتل والقصف والاعتقال والتنكيل بأقسى مشاهده وصوره واستخدم فيه النظام السوري الحاكم أحدث أسلحته وطيرانه بالتعاون مع مليشياته وحلفائه روسيا وإيران وحزب الله اللبناني وغيرها ، ورغم صمود الشعب السوري الأسطوري لهذه المجازر والمذابح الجماعية وتدمير بنية بلده التحتية وبصمت دولي متخاذل مقصود رغم المناشدات الكبيرة للعالم الذي لم يعرّ اهتماماً أخلاقياً وإنسانياً لمأساته منذ توجه الشعب السوري بالهجرة من كل مكان في سوريا بموجة تسونامي الجبارة لتصل الى أقاصي البلاد المجاورة وغيرها طلباً للأمان والسلم وايقاف شلال الدماء النازف ، وكان لتركيا النصيب الأكبر في هجرة الشعب السوري وتدفقه إلى أراضيها بشكل عشوائي وكبير ذلك الوضع الذي جعلها سرعان ماتصرح عن عدم قدرتها على استيعاب واستقبال هذا الكم الهائل من اللاجئين وأنها تنوي فتح حدودها لهم إلى أوروبا فهي أولى بإستقبالهم وتطبيق معاهدة اللجوء على أراضيها وخاصة أن تركيا خارج منظومة الاتحاد الأوروبي وليس لديها المال لدعم اللاجئين ، وفعلاً سمحت دول اوروبا للاجئين السوريين في العام (٢٠١٥_٢٠١٦) بالهجرة الى دولها وسهلت لهم الوصول إليها ثم أغلقت الحدود مجدداً نظراً لضخامة أعداد اللاجئين القدمين من سوريا عبر تركيا إليها ناهيك عن باقي اللاجئين من دول افريقيا وآسيا وغيرها من الدول الفقيرة والدول المنكوبة من الحروب ممن اضطرتهم ظروف بلادهم للهجرة ، ومع ذلك كان هناك عدد من اللاجئين السوريين والمستثمرين الذين استقروا في تركيا وفضلوا البقاء فيها عن اللجوء إلى أوروبا ولكن ضرب الليرة التركية الذي تعرضت له منذ العام ونصف العام وإصدار لوائح قانونية وقرارات جديدة بحق اللاجئين ممن لا يملكون الأوراق الرسمية في البقاء على أراضيها والتلويح الدائم بملف إعادة اللاجئين السوريين إلى مناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية ومع فقدان أبسط مقومات الحياة الإنسانية والخدمات الطبية والتعليمية والمعارك المتواصلة والقصف العشوائي للنظام والتفجيرات المجهولة في المناطق السكنية المدنية جعلت موجة كبيرة اخرى من اللاجئين تتدفق بإتجاه الحدود الاوروبية في الأشهر الأربعة الأخيرة هاربين بأطفالهم ونسائهم وشيوخهم إلى الحدود البحرية التركية اليونانية طالبين اللجوء والهرب من الموت على قيد الحياة في مناطق سيطرة المعارضة السورية والفصائل المقاتلة والمتقاتلة والبنية التحتية المدمرة .
ورغم أن اللاجئين قد خرجوا للهجرة على حسابهم ومن أموالهم الخاصة إلا أنهم وقعوا ضحية للتجارة بأرواحهم في البحر الواسع المرعب بين أنياب مافيات تجار البشر التركية وقوافل وجيوش خفر السواحل اليوناني وطائرات استطلاعه لمنع اللاجئين من الوصول الى شواطئ جزرها ، وهاهي المافيات التركية بأمر من السلطات التركية الحاكمة تفتح حدودها البحرية لمراكبها الغير شرعية بالتوجه بأعداد هائلة من اللاجئين نحو الجزر البعيدة رغم أن الأسعار التي باتت تفرضها هذه المافيات غالية التكاليف على اللاجئين ولكنهم مجبرين حتى على بيع ملابسهم وإعطائها لتجار البشر وفي نفس الوقت تطالب تركيا وبتهديدات مباشرة الاتحاد الأوروبي لدفع مليارات الدولارات لها مقابل إبقاء اللاجئين السوريين على أراضيها وما بين المطرقة والسندان يتخبط اللاجئ السوري مستغيثاً مناشداً العالم بأسره والمنظمات الحقوقية والإنسانية لإيجاد حل ومخرج من هذا الهولوكست المرعب والذي لايدفع ثمنه إلا الشعب السوري بأكمله ولينقسم العالم مابين مستفيد مادي ومعنوي واستراتيجي وعسكري من الكارثة السورية وما بين مستفيد بشرياً من القوة البشرية كيد عاملة تخضع للإقامة الجبرية بشكل حضاري لبق ونسي العالم ان يستفيد إنسانياً وأخلاقياً من هذا الملف لكسب ثقة الشعب السوري ولكنه تقاعس عن هذا الدور ومازال اللاجئ السوري سلعة للتجارة العالمية يستنزف ماله ودمه ويتاجر بحياته لحساب الدول المتصارعة على مصالحها الداخلية والخارجية.

هذه المقالة تبعبّر عن وجهة نظر الكاتب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي المركز

عن احمد اسلام

مصور وصحفي سوري

شاهد أيضاً

تصريحات وزير خارجية النظام السوري “فيصل المقداد”

تصريحات وزير خارجية النظام السوري  “فيصل المقداد”  المقداد || ندعم العملية العسكرية الروسية لحماية الدونباس  …