عاجل

كنّا عايشين!

المركز الإعلامي العام – خاص _ (براءة الحمدو)

تردَّد على وقع أسماعنا المرة تلو الأخرى عبارة “كنّا عايشين”! ونحن أمام عِظم الخطوب والآلام التي وقعت، ندرك أنّ الثورات قاسية وثمنها غالٍ جداً، لكن ما نفع الحياة في ظل حكم الطغاة وجور المستبدين، والحقُّ أننا كنّا في معتقل اسمه الوطن، الوطن الذي لم نعرف حقّ المواطنة والمساواة والعدالة فيه، فمنذ حكم الأب إلى الابن يوجد حلقات مُفرغة ومُفزعة ، وضرباتُ قهرٍ مُوجعة وسلسلة شروخات بين أبناء المجتمع الواحد، عن تمييز وتفضيل “آل الأسد” على الشعب، حيث عمل حافظ الأسد على غرس وتمكين الطائفيّة في سوريا، ولحقه ابنه ليكمل المشوار في خراب البلد، المُفضّلون والمقرّبون كانوا يضربون بيد الرئيس، ويعتقلون ويسرقون باسمه، كما يزاحمون غيرهم في الوظائف ومقاعد الدراسة وفي كلّ قطاعات الدولة، لكن هنا ليسوا موضع الحديث، ما نريده هو تبيان شريحة من النّاس! مازلنا إلى اليوم ونسمع قذائف كلماتهم، ونشاذ أصواتهم، أناس يُلقون باللوم على (الثورة وثوارها) وعلى كلّ مؤيديها، بعبارات التّذمر والسّخرية، والتّحسر على أيام الأسد، أتساءل كيف كان هؤلاء يعيشون؟! لِمَ لا تُعمل عقولهم؟! ماذا كان الهم الأكبر في حياتهم؟! فمنْ يسمعهم يعتقد أنّ سوريا كانت قبل الثورة دولة ديموقراطية _عادلة! وأنّ الحياة فيها كانت في بحبوحة وسرور!

وأسئلة كثيرة تدور ليس لها جواب مقنع ولا يشفع لهم! ولا يظن القارئ أنّهم بسطاء أو طيبين أو حتّى فقراء، لأنّ الحياة عندهم مقتصرة على (طعام وماء، لباس وزواج) وعلى الطاعة العرجاء جُبِلوا، وولاؤهم ليس نقيّاً خالصاً لربّ السّماء، بل صنمهم المعبود (حافظ وبشار)!

الحرّيّة تولِّد الكرامة..

يقول يوسف زيدان: “الثورة فكرة ترتبط بواقع معين ولا تحلق في الفراغ، فليست الثورة مطلوبة لذاتها، بل هي سعي لتغيير واقع معين رأى الثائرون أن الموت أهون من الصبر عليه ”

فعندما يتربى الإنسان على انعدام حقوقه الإنسانيّة، وأوّلها الكرامةُ التي لا تأتي إلّا بثمن الحرّيّة، يصعب علاجه وقت بزوغ فجرها، فتكون الثورة بالنسبة له عاملاً محطّماً لحياته الرجعيّة والمعروفة بالعبودية، بالنّظر والتّفكر وإبصار الواقع المعاش، تُدرك الحرّيّة بأنّها من ضرورات الحياة السعيدة، وبها وفيها تتولد الكرامة الإنسانيّة، وعموم الثورات العربية نهضت ضدّ أشكال الاستبداد والإجرام، كما وخلقتْ للأحرار ولم تخلق للعبيد، فالتاريخ مليء بالأبطال والثوار، الذين كبّدوا الاحتلالات والغزاة خسائر فادحة، على مرّ العصور، وما ثورات الربيع العربي إلّا امتداد لثوراتٍ سابقة شقّ طريقها عظماء التّاريخ أمثال:

(ثورة عمر المختار في ليبيا 1911، ثورة سعد زغلول في مصر 1919، مقاومة الأمير عبد القادر الجزائري للفرنسيين عام 1832، ثورة عبد الكريم الخطّابي في المغرب عام 1921، ثورة فلسطين الكبرى عام 1936 بقيادة عز الدين القسّام، الثورة السورية الكبرى 1925 بقيادة إبراهيم هنانو وسلطان باشا الأطرش)..

الثورة السورية اِنطلقت في 15 مارس/ أذار 2011 بتظاهرات سلمية تطالب برحيل الأسد، لكنها تحولت إلى حرب دامية ومعقدة، ومحاولة النظام قمع المظاهرات الشعبيّة، بتدخل الميليشيات الإيرانية واللبنانيّة، وتنظيم اللجان وفرق المرتزقة (الشبيحة)، فبدأت بالفتك والقتل بالرصاص الحي والاعتقال المهين للمتظاهرين، هذا وكلّه لم يثن الشعب الثائر عمّا أصرَّ عليه، مما اضطر الشعب في معظمه إلى القبول بالخيار العسكري ، للدفاع عن النّفس، وفي المقابل كانت خطة النظام السوري تجاه الشعب، تجري ضمن “عسكره وأقم عليه الحجة” فكانت التّهمة التي ألبسوها له_ المسلحين الإرهابيين! وسرعان ما تحوّل بطش “نظام الأسد” إلى القتل عبر طيران الجو، وهكذا توالى القصف بالبراميل المتفجرة على رؤوس وبيوت السوريين وعلى ممتلكاتهم ومؤسساتهم الخاصة والعامة، وفي المرحلة التالية: لجأ النظام السوري بالشراكة مع النظام العراقي، إلى فتح السّجون والمعتقلات، ليخرج منها تنظيمات متنوعة، كما فتحت الحدود بينهما، وقد ساهمت تركيا في هذا الشأن باستقبال المقاتلين “عابري الحدود” من كلّ دول العالم، ليسهل دخولهم إلى مناطق الثوار، عبر الحدود المفتوحة! فبدأت ثورة الشعب السوري تصبغ بالسّواد! وفي نهاية عام 2014 خسر النظام السوري ثلث الأراضي، التي حررها الثوار، وبسبب هذا الأمر الذي هزّ مضاجع الأسد، قرر النظام السوري وحليفه الإيراني السّماح للقوات الروسية بالتّدخل في سوريا، بموافقة بشار الأسد خطّيّاً وأمام هيئة الأمم المتحدة! الأمر الذي أدى إلى منعطفات غيّرت بوصلة الثورة، حيث عمد الروس على تجريب أسلحتهم المتطورة براً وجواً في سوريا، وكان هذا بالتزامن مع استخدام النظام للأسلحة الكيماوية من غازات الكلور السّامة والسارين والفوسفور، فوقعت مجازر مروّعة بحقّ السوريين _خنق وحرق_ بسبب تلك الأسلحة المحرمة، ويظهر على الإعلام مجرمين من نوع آخر، يفترض أنهم مع الثورة! فيدّعون _زوراً وبهتاناً_ بأنّ الأسلحة الكيماوية موجودة في المناطق المحررة وبين متناول الثوار!

من المستحيل أن نسلّم بتلك الروايات التي حاكها النظام السوري ولا يمكن أن نصدّق بأنّ قيام الثورات على أنظمة السّوء بأنّها تورث المهانة والذّل!

عن Muhammed karkas

شاهد أيضاً

توجه المئات من أبناء العشائر المقاتلين بعتادهم إلى “خيمة الحرب” في بلدة ذيبان بـ دير_الزور استعداداً لمعارك ضد  قسد

توجه المئات من أبناء العشائر المقاتلين بعتادهم إلى “خيمة الحرب” في بلدة ذيبان بـ دير_الزور …