المركز الإعلامي العام – براءة الحمدو
تجري عروض ومبادرات في السوق الدولية حول إدلب، ولكلّ طرف عرضه الخاص المتعلق في الشأن والمصير السوري، الحملة الشرسة في قصف المدنيين لا تتوقف، روسيا تصعّد، تركيا تناور وأمريكا تعطي أوامر، فعامل الطاقة/ النفط والغاز، والمنظومة الدفاعية /الصاروخية تعدّان من أهم المواضيع الدولية في محاور “الاتفاق والصراع” في نفس الوقت! من المعلوم أنّ الحروب تعود فائدتها على الدول العظمى بنسبة مبيعات الأسلحة المتطورة، بحيث تتسع دائرة التنافس في البيع للأطراف المتنازعة، وعن نوعية تلك الأسلحة يتم الكشف عن مداها المجدي والنوعي من خلال التجربة، فحرب النظام الأسدي على الشعب السوري، جعل الدول الحليفة له _مباشرةً_ والحليفة للحليف الأسدي _ الغير مباشرة_ تستخدم كآفة أسلحتها _أرضاً وجواً_ داخل الأراضي السورية!
الدماء السورية لا قيمة لها أمام نوعيّة “سلاح فتّاك” جُرِب على رؤوس المدنيين، حتى عيد الفطر والمفترض هو للفرح وللسرور كما اعتدنا أيام زمان، بدا مأساة ومَحزَنَة بفضل المقتلة والمحرقَة التي جرت وتجري في أرياف حماة وإدلب واللاذقية!
روسيا لا يصبّ في صالحها نزوح السوريين، لأنّها تأمل في مساهمة الشركات الروسيّة وبالشّراكات الدولية الأخرى في مسألة إعادة الإعمار، لكن الدول الأوروبية كان موقفها واضحاً بخصوص إعمار سوريا وهو “لا إعمار قبل رحيل رأس النظام”، وفيما يخص النظام السوري فهو يرفض أي حل سياسي، سواء جاء الحل من خلال مبادرات عربية أو روسية،
ولم يخجل بعض المحسوبين على الثورة والمعارضة السورية بأنهم يوافقون على تلك المبادرات والتي كان من ضمنها مشاركتهم ونظام الأسد في السلطة، فيأتي الرد الأسدي بالرفض وبأنّه يرفض تقاسم السلطة بينه وبين المعارضة السورية،
حقاً كلام يندى له الجبين أمام الشعب السوري وثورته العظيمة، الشعب الذي تعرض لأقسى وأشدّ التعذيب والإجرام والانتهاك على أيدي بيت الأسد وشبيحته وميليشياته، ولكن ماذا عسانا أن نقول: المناصب تُعمي القلوب قبل الأبصار، فلم يبق حس ولا شعور بالإنسانية والاحترام لمآلات وجراح الشعب! من الجدير بنا أن نفكر متسائلين في يوم رجوعنا إلى “سوريا المحررة” من نظام الأسد ومن كل الاحتلالات الاجراميّة، ماذا قدّم كلّ واحد فينا لاستمرار ورفعة الثورة؟
منْ خدم نظام الأسد وعملائه دون أن يشعر؟ منْ غلّب مصلحته الشخصيّة على مصلحة الشعب وثورته؟
وعودةً إلى الأطراف الدولية وأدوارها التي تدور في إدلب، المشهد يزداد سوءاً وذلك بنزوح أعداد كبيرة من السكان وهم عالقين على الحدود السورية التركية، لا يستطيعون الدخول وهذا ليس من المعقول ولا من الإنسانيّة! إذا كانت تركيا لا تريد لهم أن يمكثوا على أراضيها فلتدخلهم مؤقتاً وتيسّر لهم العبور نحو أوروبا، وفي المقابل تفتح الدول الأوروبية أبوابها ومطاراتها لدخول الهاربين من هول القصف الوحشي، المجتمع الدولي وأذانه الصماء وعيونه العمياء يقول للسّوري: بدنا نقتلك ونطفشك بالعراء وما نسمح لك تكون إنسان، بأن تدخل دولة وتأمن فيها على روحك وروح ولادك إذا بقي له أولاد أصلاً!
“تركيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية” جميعهم ربطوا مستقبل إيران بمستقبل بقاء نظام الأسد، ونزاعاتهم مع إيران هي شكلية وليست جوهرية، فإيران بالنسبة لهم عصا تربى فيها الدول العربية، وربما مستقبلاً تتخلى إيران عن بشار الأسد إذا تمت الموافقة على ترشحيها لشخص إيراني الأصل ذو جنسيّة سورية لرئاسة سوريا، من قِبل تلك الدول المذكورة!
وغير ذلك من المستحيل أن تنسحب من سوريا أو تنقلب على الأسد، لكن يبقى احتمالاً افتراضياً لأنّ روسيا صار لها في سورية ثقل كبير بعد أخذها مرفأ طرطوس ومطار دمشق الدولي الذي لم تؤكد المصادر الاعلاميّة عن انتهاء صفقة بيعه للروس، وعليه لن تسمح لإيران بتولي حكم سوريا عبر أحد رجالها الإيرانيين، أمّا “دونالد ترامب” فهو أكثر الأشخاص وضوحاً، يبحث وإدارته عن مداخل لصفقات اقتصادية وغالباً ميزانها التجاري رابح، والأمر _المذهل_ هو في سرعة وارتفاع الدولار في كلّ يوم تقريباً، وإن دل على شيء فهو المال العربي المدفوع مقابل الحماية، وحجم صادرات موارد الطاقة، وموقف الرئيس الأمريكي تجاه هجوم الروس جواً على إدلب، طالما لا يوجد ضرب بالكيماوي فلا بأس، والاتفاق الثنائي بين تركيا وأمريكا يخص إقناع تركيا في قصور اليد الأمريكية عن دعم حزب الكردستاني وقوات قسد الكردية، والسماح لتركيا بضربهم على حدود شرق الفرات، وهذا في مقابل توقف الجيش التركي والجيش الحر وهيئة تحرير الشام عن إزعاج الروسي في مطار حميميم، وبالإضافة إلى إنهاء ملف هيئة تحرير الشام تفتيتهم كما نص اتفاق أستانا_سوتشي، وفيما يتعلق بصفقة الصواريخ إس400_ أعرب الرئيس التركي عن استعداد بلاده لاتخاذ الخطوات المناسبة بخصوص شراء منظومة باتريوت (الدفاعية الأمريكية)، إذا في حال تم الوصول لعرض جيد على غرار العرض الروسي المتعلق بصواريخ إس_400 ، لكن يبدو السعر الأمريكي المدفوع لم يناسب التركي!
وبحسب ما تناقلته المواقع الإخبارية أنّ في التقارب الأمريكي التركي _ تجري مباحثات جادة عن إنهاء حكم الأسد والصراع العسكري في سوريا، وتأكدنا من تلك التصريحات عبر لقاء أجراه جميس جيفري مع صحيفة “حرييت” التركية، بتاريخ الخميس 6 / حزيران.
وعلى ضوء ما سبق: فتصريحات رؤساء الدول في وسائل الإعلام مجتمعةً على قول واحد: يجب وقف إطلاق النار في إدلب! والمعنى يجب تسريع عمليات التفاوض والاتفاق فيما بيننا حتّى يتسنى لكلٍّ منّا الحفاظ على جغرافيته المقطوعة وحصته الخاصة من المكاسب، وإلى الآن لم تتفق الأطراف الدوليّة لأنّ القتل والقصف مازال مستمراً!